كان رسولنا صلى الله عليه وسلم ذا اجتهاد عظيم في العبادة، لأنه عرف عظمة المعبود جل في علاه، فهو أخشى الناس لربه، وأعرف الناس بالله، عرف رسولنا صلى الله عليه وسلم شرف هذا الزمان، وعظيم الأجر، فكان أجود ما يكون في رمضان، فلك أن تتذكر أيها القارئ الكريم، أن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يصدر هذا العمل العظيم، في هذا الشهر الكريم بالإيمان الصادق، والاحتساب التام، لذي الجلال والإكرام، فتنبه على أهمية انطلاق بقوله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم له من ذنبه».
وهو كذلك عليه السلام يصدر شرط الإيمان والاحتساب حال القيام لرب الأرباب، فيقول صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه». فشهرنا هذا هو شهر الجود والغفران، كما كان يفعل ولد عدنان صلى الله عليه وسلم في مزية من مزاياه العظيمة، ليخبر عن مضمار آخر، من طرق السباق الصادق في هذا الشهر العظيم، فيرتب على عمل قليل، فعل عظيم وجليل، فتجد أخي القارئ من رحمة الله جل وعلا أن المرء يصلي مع إمامه دقائق معدودة وأوقات محدودة, ثم يذهب بين أهله وولده، يقضي شغلاً، يزور صديقًا، ينهي أمرًا، وقد كتب له أنه في صلاة، أتدري ما هي؟ إنها صلاة التراويح، إن قمتها مع إمامك حتى ينصرف كتب لك قيام ليلة كاملة، يخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة».
ومن طرق الجود والإحسان، والخير والغفران، في شهر رمضان، هو الإحسان إلى عباد الواحد الديان، فكن معي في صور قليلة، ووقفة يسيرة حول الإحسان إلى إخوانك المسلمين: فتجد أن الصدقة عمل جليل، إلا أنها في رمضان من أفضل ما تكون، ففي الترمذي من حديث أنس مرفوعًا: «أفضل الصدقة صدقة رمضان». تفطر صائمًا, ولك مثل أجره، مع تمام أجره لا ينقص منه شيء. قال الصادق المصدوق كما في حديث زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائمًا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء».
فيا أخي الفاضل, ادفع صدقة، واقض حاجة محتاج، وفطر صائمًا، وأصلح بين اثنين، واجتهد في عمل الصالحات، نافس بفعل الطاعات، اقترب من النفحات، اجتهد فأنت في شهر البركات، ولا تغفل عن إتمام الواجبات.
وتأمل هذا الحديث الذي رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس، وأجود الناس، وكان جوده صلى الله عليه وسلم يجمع أنواع الجود: من بذل العلم والمال، وبذل النفس لله تعالى في إظهار دينه، وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق: من إطعام جائعهم, ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم.
ولم يزل صلى الله عليه وسلم على هذه الخصال منذ نشأ، ثم تزايدت فيه هذه الخصال بعد البعثة وتضاعفت أضعافًا كثيرة» اهـ.ولك أن تتأمل أن هذا الجود عام في كل وقت, ويزداد في هذا الشهر العظيم؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان.
أخي القارئ الكريم, إن مما يناقض ما مضى من الجود العظيم ما يقع فيه كثير من المسلمين، حول الفهم العكسي، والتصرف الخاطئ.