قال - رحمه الله - :
قال المنفلوطي في مقال " عبرة الهجرة " : ص 133
((لا حاجة لنا بتاريخ حياة فلاسفة اليونان، وحكماء الرومان، وعلماء الإفرنج، فلدينا في تاريخنا حياة شريفة مملوءة بالجد والعمل والصبر والثبات والحب والرحمة والحكمة والسياسة والشرف الحقيقي والإنسانية الكاملة وهي حياة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وحسبنا بها وكفى )) ص133
((بين الإغراق في المدح, والإغراق في الذم تموت الحقيقة موتاً لا حياة لها من بعده إلى يوم يبعثون)) وفي مقال "المدنية الغربية" كتب متحسِّرا :
((إن عارا على التاريخ المصري أن يعرف المسلم الشرقي في مصر من تاريخ بونابرت ما لا يعرف من تاريخ عمرو بن العاص، ويحفظ من تاريخ الجمهورية الفرنسية، ما لا يحفظ من تاريخ الرسالة المحمدية، ومن مبادئ ديكارت وأبحاث درون ما لا يحفظ من حكم الغزالي وأبحاث ابن رشد، ويروى من الشعر لشكسبير وهوجو ما لا يروى للمتنبي والمعري.))
ثم أردف يقول :
((وبعدُ : فليعلم كتابُ هذه الأمة وقادتها أنه ليس في عادات الغربيين وأخلاقهم الشخصية الخاصة بهم ما نحسدهم عليه كثيرا، فلا يخدعوا أمتهم عن نفسها ولا يفسدوا عليها دينها وشرقيتها ولا يزينوا لها هذه المدنية الغربية تزيينا يرزؤها في استقلالها النفسي، بعد ما رزأتها السياسة في استقلالها الشخصي ) ((كثيرا ما يخطئ الناس في التفريق بين التواضع وصغر النفس، وبين الكبر وعلو الهمة، فيحسبون المتذلل المتملق الدنيء متواضعا، ويسمون الرجل إذا ترفع بنفسه عن الدنايا وعرف حقيقة منزلته من المجتمع الإنساني متكبرا، وما التواضع إلا الأدب، ولا الكبر إلا سوء الأدب، فالرجل الذي يلقاك متبسما متهللا، ويقبل عليك بوجهه ويصغي إليك إذا حدثته، ويزورك مهنئا ومعزيا، ليس صغير النفس كما يظنون، بل هو عظيمها؛ لأنه وجد التواضع أليق بعظمة نفسه فتواضع، والأدب أرفع لشأنه فتأدب.
فتى كان عذب الروح لا من غضاضة ... ولكن كبرا أن يقال به كبر ويوصي طالب العلم بهذه الوصية :
(( يا طالب العلم أنت لا تحتاج في بلوغك الغاية التي بلغها النابغون من قبلك إلى خلق غير خلقك، وجو غير جوك، وسماء وأرض غير سمائك وأرضك، وعقل وأداة غير عقلك وأداتك، ولكنك في حاجة إلى نفس عالية كنفوسهم، وهمة عالية كهممهم، وأمل أوسع من رقعة الأرض وأرحب من صدر الحليم، ولا يقعدن بك عن ذلك ما يهمس به حاسدوك في خلواتهم من وصفك بالوقاحة أو بالسماجة، فنعم الخلق هي إن كانت السبيل إلى بلوغ الغاية، فامض على وجهك ودعهم في غيهم يعمهون.)) ص240 ((لا يستطيع الباطل أن يصرع الحق في ميدان؛ لأن الحق وجود والباطل عدم، وإنما يصرعه جهل العلماء بقوته، ويأسهم من غلبته، وإغفالهم النداء به، والدعاء إليه. )) ص297 .
ثم يقول :
((الدعاة في هذه الأمة كثيرون ملء الفضاء، وكظة 1 الأرض والسماء، ولكن لا يكاد يوجد بينهم داع واحد ؛ لأنه لا يوجد بينهم شجاع واحد )) ص298 1- الكظة : البطنة