من المقالات الرائعة الجميلة المبينة مقال للمنفلوطي بعنوان "خطبة الحرب " موجه إلى المجاهدين في ليبيا ... وفيه يقول المنفلوطي حاثَّا على الإقدام والشجاعة : (ص428 )
((المستميت لا يموت والمستقتِلُ لا يُقتل, ومن يهلك في الإدبار أكثر ممن يهلك في الإقدام, فإن كنتم لا بد تطلبون الحياة فانتزعوها من بين ماضغي الموت ))
ثم تابع قائلاً :
((إن كتّاب التاريخ قد علقوا أقلامهم بين أناملهم, ووضعوا صحائفهم بين أيديهم, وانتظروا ماذا تملون عليهم من حسنات أو سيئات, فأملوا عليهم من أعمالكم ما يترك في نفوسهم مثل ذلك الأثر الذي تجدونه في نفوسكم عندما تقرءون تلك الصحائف البيضاء التي سجلها التاريخ لأولئك الأبطال العظماء.
موتوا اليوم أعزاء قبل أن تموتوا غدا أذلاء.
موتوا قبل أن تطلبوا الموت فيعوزكم, وتنشدوه فيعجزكم.
موتوا اليوم شهداء في ساحة الحرب تكفنكم ثيابكم, وتغسلكم دماؤكم, وتصل عليكم ملائكة الرحمن قبل أن يسبق قضاء الله فيكم, فيموت أحدكم فلا يجد بجانبه مسلما يصلي عليه صلاة الجنازة, ثم يرافق نعشه إلى قبره حتى يودعه حفرته, ويخلي بينه وبين ربه.
إن الشيخين أبا بكر وعمر والفارسين خالدا وعليا والأسدين حمزة والزبير والفاتحين سعدا وأبا عبيدة والمهاجرين طارق بن زياد وعقبة بن نافع وجميع حماة الإسلام وذادته السابقين الأولين, المجاهدين الصابرين, يشرفون عليكم اليوم من علياء السماء؛ لينظروا ماذا تصنعون بميراثهم الذي تركوه في أيديكم, فامضوا لسبيلكم واهتكوا بأسيافكم حجاب الموت القائم بينكم وبينهم, وقولوا لهم: إنا بكم لاحقون، وإنا على آثاركم لمهتدون.
إن هذا اليوم له ما بعده, فلا تسلموا أعناقكم إلى أعدائكم؛ فإنكم إن فعلتم لن يعبد الله بعد اليوم على ظهر الأرض أبدا ))